الموضوع الاصلي : علّموا أبناءكم الجنة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علّموا أبناءكم الجنة
عندما أدخل على الطلاب في بداية كل عام دراسي وأوضح لهم حقوقهم في المدرسة وواجبنا تجاههم وواجباتهم تجاه المدرسة والمعلمين فإنني أدخل في سؤالي المعتاد.. ؟
لو دخلتم الجنة كتبنا الله وإياكم من أهلها والمسملين أجمعين.. وفرحتم بكل النعم التي وعدكم الله تبارك وتعالى بها.. فهل ترون أهليكم وذويكم في الجنة؟
معظم الطلاب ومع الأسف الشديد يقولون لا.. لا نراهم وإذا رأيناهم لا نعرفهم ولا يعرفوننا.. !
فأرد دائما بقولي: تلك ليست جنةٌ إذاً.. هذه دار حزن إن لم نكن نرى أهلنا هناك.. أيها الشباب يمكنكم رؤية أهليكم وذويكم وأصدقاءكم, بل إن من تحبونهم في الدنيا ترونهم في الجنة وتجتمعون بهم كما لو كنتم في الدنيا. فتطير أعينهم بتعجب وصل ذروته وتبدأ الأسئلة سريعا وبشكل ينم أن معلوماتهم عن الجنة (صفر).. !!
يسألني الطلاب وبالعامية طبعا.. "ستاد.. أقدر أشوف أمي وأبوي؟" فأرد عليهم نعم ترونهم وترون إخوانكم وأصدقاءكم وأقرباءكم وتجتمعون معهم كما يحدث في الدنيا, تخيّلوا أنكم في الدنيا ولكن البيوت أجمل والحياة أجمل.. فلا يوجد همّ ولا ضيقة ولا ملل ولا مرض ولا تعب.. حياة للسعادة فقط. فيسألونني من جديد. "ستاد.. إذا شفت أمي وأبوي وأهلي أعرفهم"؟ فأرد عليه حتى يستوعب عقله الصغير الأمر: "أنت الآن إذا رأيت أمك وأباك ألا تعرفهم"؟ فيقول: "بلى" فأقول: "في الجنة نفس الشيء" ثم أكمل: متى ما أردت ان تزور أي شخص تستطيع زيارته".. ثم تخيلوا أن جداتكم وأجدادكم و ذريتكم ترونهم جميعا في نفس العمر.. فتتعرف لرجال ونساء من أهلك لم تعرفهم في الدنيا فتزيد معارفك في الجنة. فيضحكون مبتهجين ويسألني أحدهم.. "ستاد.. يصيرون شيبان وأنا شايب"؟ فأقول.. "لا بل كلكم شباب أعمارنا جميعا إن شاء الله (33) سنة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم. ثم أكمل.. تخيلوا أنكم تزورون الرسول صلى الله عليه وسلم ويزوركم وباقي الأنبياء والرسل والصحابة الكرام والتابعين بإحسان إلى يوم الدين ممن أحببناهم بسبب علم أو طاعة.
فيفرحون ويقولون: "ستاد.. الجنة والله وناسة.. أول نحسب ما نعرف به أحد ولا أحد يعرفنا.. "!! فأقول: "لو كانت الجنة مثل ما تظنون لكانت الدنيا أجمل من الجنة" فيردون علي: "والله يا ستاد أول نحسب الجنة طفش! الحين صارت وناسة عندنا" ثم تتطور الأسئلة عن الألعاب والسيارات وغيرها من متع الدنيا, فأجيبهم جميعا.. يقول الله تعالى: "ولهم فيها ما يشاءون" أي أنكم تحصلون على كل ما تتمنون.. ثم أكمل ولكن أريد أن أسألكم سؤالا واحدا.. تخيلوا لو أن رجلا عنده مليار ريال ويسكن قصرا بعشرة ملايين ريال وعنده سيارة بمليوني ريال.. ثم جاءه شخص وقال له ماذا تتمنى؟ فيجيب أتمنى "بليستيشن.. أو جيب ربع"! فهل تستغربون من هذا الجزاب"؟ فيقولون باستنكار وبعضهم يضحك: "وشلون واحد عنده كل هذولي ويفكر بجيب ولا بليستيشن.. يقدر يشريهن بسهولة"؟ فأقول: "ذاك أنتم.. كيف تكونون في الجنة وتحصلون على كل شيء, فتفكرون بأمور صغيرة"!! فيضحكون ويقولون: "صدقت يا ستاد". عندها أكمل ولكن لكم فيها ما تشاءون كما قال الله عز وجل. ثم أذكر حديث المزارع من بني إسرائيل وبعضا من الأحاديث المشهورة المعروفة لدينا جميعا.
ثم يسألني أحدهم.. "نقدر نشوف أهل النار يا ستاد"؟
فأجيب نعم وتتحدثون إليهم أيضا.. ثم أذكر قول الله تعالى عندما يسأل أهل الجنة أهل النار: "ما سلككم في سقر.. قالوا لم نك من المصلين ولم نكن نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين" وقوله تعالى عندما يطلب الكفار من المسلمين العون: " ونادى أصاحب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمها على الكافرين".
فأرى المتعة في عيونهم وأرى الجنة قد سكنت رؤوسهم بحماس منقطع, فلقد أدركوا أن كل شخص على هذه البسيطة يستطيعون التواصل معه في الجنة.. بل إنهم سيتعرفون أيضا لأصحاب وأناس جدد سواء من الرجال أو النساء.. فكلهم في رؤوسهم تخيلات وأحلام لا تنقطع, حتى أن بعضهم رفع بصره إلى السقف وتجاهلني تماما, يقلب بصره بتفكر وتركيز شديدين.. فأعرف أنه الآن في قمة التواصل مع الخيال الأخروي ومع الجنة.
عندها أسألهم.. ماذا نفعل لندخل الجنة؟
فيجيبون جميعا: "نعبد ربنا وندخل الجنة" فأجيب صدقتم.. ندخل الجنة بعبادة ربنا وأهم تلك العبادات.. هي الصلاة والصوم والحج والزكاة, وطاعة الوالدين والحاكم والدعاء لأنفسكم ولهم بكل خير, والصدقة والإحسان, وعدم إيذاء المسلمين قولا وفعلا, وإتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم... الخ. مع ذكر النصوص الواردة في كل عبادة من العبادات.
ثم أقول: والصحبة الصالحة تدخلنا الجنة بإذن الله تعالى.. فيقولون "كيف"؟ فأقول قال الرسول صلى الله عليه وسلم بما معناه: "أن الصحبة الصالحة عندما يدخلون الجنة يتزاورون فيفقدون صاحبا لهم فيتساءلون عنه فإذا به من أهل النار والعياذ بالله, فيذهبون إلى ربهم ويطلبون منه أن يدخله الجنة معهم, فيقول الله عز وجل إنه كان إذا غاب عنكم فعل كذا وكذا من المعاصي.. فيجادلون الله تبارك وتعالى كما يجادل أحدكم أخاه. فيخرجه الله تعالى برحمته وفضله وكرمه من النار, ثم يقول لهم خذوه إلى نهر الحياة فيغسلونه ويصير من أهل الجنة". أو كما قال صلى الله عليه وسلم
ولكن دائما ما يكون لبعض الأطفال معلومة لا أجد لها جوابا واحدا, واستنكرها بالرغم من أنني أعرفها أصلا ولكنني لا أستسيغها وهي..
من يكون فوقنا في الدرجات لا نستطيع أن نزوره بل هو ينزل إلينا.. فأرد بقولي لأصحاب هذا المعلومة.. "قولوا لمن قال لكم ذلك أنها باتت سجنا وليست جنة". كيف تقولون ذلك والله عز وجل أخبرنا على لسان رسوله ألا تحاسد في الجنة والحسد يأتي من أن ترى شيئا أجمل مما تملك فتحسد صاحبه, وعندما يكون لا حسد في الجنة فمعلوم إذاً أننا نرى مكانة من هم أفضل منا في الدرجات والمنازل.
أخيرا
إنني أتعجب كيف نوقض أبناءنا لصلاة الفجر ونحثهم على الخير ونعدهم بالجنة إن فعلوا ذلك بإذن الله تعالى, وهم أصلا لا يعرفون عنها إلا أنهم يسكنون القصور ويعيشون مع الحور بعيدا عن أهلهم فأين يكون فيها السرور إن كانت كذلك؟ ومن عرف أنه يستطيع رؤية أهله نضع له الحواجز فنقول لا يمكنكم رؤية أهلكم الذين فوقكم إلا أن ينزلوا إليكم.. !! فكيف لهم أن يحبوا الجنة أو أن يتعلقوا فيها أو يفهموا معنى الفرق الحقيقي بينها وبين الدنيا. أسئلة أطرحها بين أيديكم.. لعلكم تسألون أبناءكم حالا ماذا تعرفون عن الجنة؟ ومن ثم تجاوبوهم على كل تساؤلاتهم, فذلك يحثهم على القرب من كل خير والبعد عن كل شر والتعلق بكل عمل يقرب من الجنة.